الثلاثاء يوليو 12, 2016 3:17 pm | المشاركة رقم: | |||||||||||||||||||||||||||||
| موضوع: كتاب فوضى الحواس أحلام مستغانمي أونلاين (الجزء الثاني) كتاب فوضى الحواس أحلام مستغانمي أونلاين (الجزء الثاني) كان رجلاً مأخوذاً بالكلمات القاطعة، والمواقف الحاسمة. وكانت هي امرأة تجلس على أرجوحة" ربما." فكيف للّغة أن تسعهما معاً؟ هو لم يقل سوى "كيف أنت؟" وهي قبل اليوم لم تكن تتوقع أن يربكها الجواب عن سؤال كهذا. وإذ بها تكتشف كم هي رهيبة الأسئلة البديهية في بساطتها، تلك التي نجيب عنها دون تفكير كل يوم، غرباء لا يعنيهم أمرنا في النهاية، ولا يعنينا أن يصدقوا جوابا لا يقل نفاقا عن سؤالهم. بعض الأسئلة استدراج لشماتة، وعلامة الاستفهام فيها، ضحكة إعجاز، حتّى عندما تأتي في ولكن مع آخرين، كم يلزمنا من الذكاء، لنخفي باللغة جرحنا؟ صوت دافئ كان يوما صوت من أحببنا. "كيف أنتِ؟" صيغة كاذبة لسؤال آخر .وعلينا في هذه الحالات، أن لا نخطئ في إعرابها. فالمبتدأ هنا، ليس الذي نتوقعه .إنه ضمير مستتر للتحدي، تقديره "كيف أنت من دوني أنا؟" من الأسهل علينا تقبل موت من نحب. على تقبل فكرة فقدانه ,واكتشاف أن بإمكانه مواصلة أما الخبر.. فكل مذاهب الحب تتفق عليه. الحياة بكل تفاصيلها دوننا. ذلك أن في الموت تساويا في الفقدان، نجد فيه عزاءنا. كانت تفاضل بين جواب وآخر، عندما تنّبهت إلى أن جلستهما قد أصبحت فجأة معركة عاطفية وإذ بالطاولة المربعة التي تفصلهما، تصبح رقعة شطرنج، اختار فيها كل واحد لونه ومكانه. صامتة. تدار بأسلحة لغوية منتقاة بعناية فائقة. واضعا أمامه جيشا.. وأحصنة وقلاعا من ألغام الصمت، استعدادا للمنازلة. أجابته بنية المباغتة: -الحمد الله.. الأديان نفسها، التي تحثنا على الصدق، تمنحنا تعابير فضفاضة بحيث يمكن أن نحملها أكثر من معنى. أوليست اللغة أداة ارتياب؟ أضافت بزهو من يكتسح المربع الأول: -وأنت؟ ها هي تتقدم نحو مساحة شكه، وتجرده من حصانه الأول. فهو لم يتعود أن يراها تضع الإيمان برنسا لغويا على كتفيها. ظلت عيناها تتابعانه. هل سيخلع معطفه أخيراً، ويقول إنه مشتاق إليها. وأنه لم يحدث أن نسيها يوماً؟ أم تراه سيرفع قبة ذلك المعطف ,ويجيبها بجواب يزيدها برداً؟ أي حجر شطرنج تراه سيلعب، هو الذ يبدو غارقا في تفكير مفاجئ، وكأنه يلعب قدره في كلمة؟ تذكرت وهي تتأمله، ما قاله كاسباروف ,الرجل الذي هزم كل من جلس مقابلا له أمام طاولة قال: "إن النقلات التي نصنعها في أذهاننا أثناء اللعب، ثم نصرف النظر عنها. تشكل جزءا من لذ تمنت لو أنها أدركت من صمته، بين أي جواب وجواب تراه يفاضل. فتلك الجمل التي يصرف شطرنج. اللعبة، تماما كتلك التي ننجزها على الرقعة." القول عنها، تشكل جزءا من جوابه. غير أنه أصلح من جلسته فقط. وأخذ الحجر الذي لم تتوقعه. وقال دون أن يتوقف عن التدخين. -أنا مطابق لك. ثم أضاف بعد شيء من الصمت. -تماماً.. هو لم يقل شيئا عدا أنه استعمل إحدى كلماته "القاطعة" بصيغة مختلفة هذه المرة. فانقطع بينهما وهي لم تفهم. فعلا.. لم تفهم كيف أن صمتا بين كلمتين أحدث بها هذا الأثر، ولا كيف استطاع أن يسرب إليها الرغبة دون جهد واضح، عدا جهد نظرة كسلى ,تسلقت ثوبها الأسود، مشعلة التحدي. حيث مرت فتيلة الشهوة. بكلمة، كانت يده تعيد الذكرى إلى مكانها. وكأنه، بقفا كلمة، دفع بكل ما كان أمامهما أرضا. ونظف الطاولة من كل تلك الخلافات الصغيرة التي باعتهما. هي تعرف أن الحب لا يتقن التفكير. والأخطر أنه لا يملك ذاكرة. إنه لا يستفيد من حماقاته السابقة، ولا من تلك الخيبات الصغيرة التي صنعت يوما جرحه الكبير. وبرغم ذلك، غفرت له كل شيء. "قطعا" كانت سعيدة، بهزيمتها التي أصبح لها مذاق متأخر للنصر. سعادته "حتما" بنصر سريع، في نزال مرتجل، خاضه دون أن يخلع "تماما" معطفه! * * * أحببت هذه القصة ,التي كتبتها دون أن أعي تماما ما كتبت. فأنا لم يحدث أن كتبت قصة قصيرة. ولست واثقة تماما من أن هذا النص تنطبق عليه تسمية كهذه. منذ يومين، فاجأت نفسي أعود إلى الكتابة. هكذا.. دون قرار مسبق، ودون أن يكون قد طرأ كل ما كان يعنيني، أن أكتب شيئا. أي شيء أكسر به سنتين من الصمت. لا أدري كيف ولدت هذه القصة. أدري كيف ولد صمتي. ولكن.. تلك قصة أخرى. على حياتي أي حادث بالذات، يمكن أن يكون سبباً في إثارة مزاجي الحبري. ربما لاشيء، عدا كوني اشتريت منذ أيام دفتراً، أغراني شكله بالكتابة. حدث ذلك عندما ذهبت كي أشتري من القرطاسية، ظروفاً وطوابع بريدية .ورأيت ذلك الدفتر مع حزمة من الدفاتر. كان البائع يفردها أمامي وهو يقوم بترتيبها ,استعدادا لاقتراب الموسم كما يتوقف نظري أمام رجل، توقف عند ذلك الدفتر. وكأنني وقعت على شيء لم أكن انتظر الدراسي. العثور عليه في ذلك المحل البائس الذي لا أدخله إلا نادرا. أليست الكتابة كالحب: هدية تجدها فيما لا تتوقع العثور عليها؟ ثمة بيوت لا تستطيع أن تكتب فيها سطرا واحدا، مهما سكنتها، ومهما كانت جميلة. وهذا أمر يبقى دون تفسير منطقي. وثمة أقلام، تدري منذ اللحظة التي تشتريها فيها.. والكلمة الأولى التي تخطها بها، أنك لن تكتب بها شيئا يستحق الذكر .وأن مزاجها الكسول، ونفسها المتقطع، لن يوصلاك إلى الأنفاق السرية للكلمات. وثمة دفاتر، تشتريها بحكم العادة فتبقى في جواريرك أشهرا دون أن توقظ فيك مرة تلك الشهوة ولأنني أعرف هذا ,كلما تقدمت بي الكتابة، ازدادت قوة عندي، تلك الحاسة التي تجعلني منذ الجارفة للكتابة، أو تتحرش بك كي تخط عليها ولو بضعة أسطر. اللحظة الأولى، أحكم على هذه الأشياء أو لَها بحدس قلّما يخطئ. ولذا توقفت أمام ذلك الدفتر، مدفوعة بإحساس يتجاوزني. مأخوذة بهذا "الشيء" الذي لا يميزه عن بقية الأشياء في تلك المكتبة، سوى اقتناعي، أو وهمي بأنه سيعيدني على الكتابة. منذ اللحظة الأولى، شعرت أن بيني وبين هذا الدفتر، ذبذبات ما، تعدني بكتابة نص جميل. على هذا الورق الأبيض الأملس، الذي تضمه مفاصل حديدية. ويغطيه غلاف أسود لامع، لم يكتب ركضت به إلى البيت. أخفيته، وكأنني أخفي تهمة ما .ولم أخرجه سوى البارحة، لأكتب فيه تلك عليه أي شيء. القصة القصيرة، التي قد يكون عنوانها "صاحب المعطف." كعادتي عندما أنتهي من الكتابة ليلاً، عدت إلى قراءة ذلك النص أول ما استيقظت. كنت على عجل. أريد أن أعرف إن كانت تلك قصة جميلة حقاً، كما كانت تبدو لي لحظة كتابتها. وربما كنت أريد أن أتأكد فقط، من أنني كتبت فعلاً، شيئاً ذلك المساء. لهذا قرأتها عدة مرات، بنشوة متزايدة كلّ مرة. فقد كتبت أخيراً نصاً جميلاً. والأجمل أنه خارج ذاتي. وأنني تصورت فيه كل شيء. وخلقت فيه كلّ شيء. وقررت أن لا أتدخل فيه بشيء. وأن لا أسرب إليه بعضاً من حياتي. وهذا في حد ذاته إنجاز أدهشني. فأنا لم يحدث يوماً أن تعرفت إلى رجل يشبه هذا الرجل. في نفوره الجذاب، وحضوره المربك، رجل يغشاه غموض الصمت والتباسه، وله هذه القدرة الخرافية على خلق حالة من الارتباك الجميل، كلما تحدث، حتى لو كان ذلك، وهو يلفظ إحدى تلك الكلمات القاطعة، التي يتسلّى باختيارها حسب المناسبة. وتلك المرأة أيضاً لا تشبهني. إنها تنطق بعكس ما كنت سأقول، وتتصرف بعكس ما كنت سأفعل. وهي تعتقد بحماقة أنثى، أن الذين نحبهم، خلقوا ليتقاسموا معنا المتعة، لا الألم، وأن
| |||||||||||||||||||||||||||||
|